الساعة كم ؟

ذاكرة أنا واصل


أيمن عبد الرازق - الدوحة - الجامع الكبير

بدأ فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي وقفاته مع بعض آيات القرآن الكريم والتي اختارها من تلاوة صلاة التراويح حيث اختار آية المداينة من سورة البقرة والتي تعد أطول آية في القرآن الكريم " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ... "

ومن العجب أن يجعل الله أطول آية في القرآن تختص بشأن من شئون الدنيا ، وهذا رد على العلمانيين الذين يقولون ما علاقة الدين بالحياة وبشئون الدنيا ، وما علاقة الدين بالمعاملات والتشريع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، إن الدنيا أهون عند الله من أن ينزل الله لها كتاباً أو يبعث الله لها رسولاً ... هؤلاء تكذبهم هذه الآية لأ الله أنزل الكتب وأرسل الرسل ليقيموا العدل بين الناس ، كما قال الله تعالى " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " ليتعلم الناس العدل ، لأن الناس إذا تركوا لغرائزهم ونزعاتهم القبلية والحزبية والعصبية وشهواتهم وأهوائهم جاروا على أنفسهم وظلموا ، " ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرض " ولذلك بعث الله الرسل ليقيموا القسط بين الناس إذا اختلفوا " ليحكموا بين الناس إذا اختلفوا فيه " هل إذا اختلفنا أن من حق الإنسان أن يتملك أو لا يتملك ؟ الشيوعيون يقولون لا ليس من حقه لأن الملكية هي سبب كل شر ، والرأس ماليون يقولون بل الملكية هي سبب كل خير في الدنيا ، لا نتبعلا هؤلاء ولا هؤلاء بل نتبع الله لأن الله حكم ، فالله يحكم بيننا في المتشابهات وفي الأمور التي تضطرب فيها العقول وتغلب فيها الأهواء ، من هنا أنزل الله هذه الآية في شأن من شئون الدنيا وهو شأن الدين أو المداينة وهو شأن قليل ، لأن متاع الدنيا قليل والمال هو قليل من هذا المتاع وديون الإنسان في الدنيا هو قليل من قليل من قليل ، ومع هذا رأينا الله سبحانه تعالى في تنظيم هذا القليل القليل القليل ينزل أطول آية في القرآن ، وهذا دليل على عناية الله بهذا الإنسان حيث ينظم أمره ولا يقع الناس في خصومات يأكل بعضهم بعضاً كالنار تأكل ما حولها .

أنزل الله ذلك النداء الإلهي يا أيها الذين|آمنوا .. وهذا النداء لم ينزل إلا في المدينة لأن هذا خطاب للجماعة ، والمسلمون في مكة لم تكن لهم جماعة ، لم تكن لهم سلطة ، لم تكن لهم أرضاً يستطيعون أن يقيموا فيها شعائرهم كما يشاءون ، وأن ينفذوا فيها أوامر الله كما يريدون ، ولذلك المرحلة المكية مرحلة تأسيس للعقائد والأخلاق وأصول الحياة ، ولم ينزل فيها تشريعات إلا الصلاة فرضت في الإسراء والمعراج وهي من شئون العبادات لا من شئون المعاملات ، إنما بدأ القرآن ينظم الحياة وينظم التشريع بأوامر إلهية ونواهيه وتشريعاته ، حينما أصبح للمسلمين مجتمعاً في المدينة ، فنزل قول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا ... “ لينظم للمسلمين عبادتهم ومعاملاتهم ، ويقول عبد الله بن مسعود إذا سمعت الله تعالى يقول " يا أيها الذين آمنوا ... “ فأصغي لها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تصرف عنه ، يريدا الله أن يرسخ الناس معاملاتهم حتي لا تترك الأمور هكذا فليأخذ المؤمن الحيطة وليكتب الدين ويكون لأجل مسمى أجل معلوم ومحدد ، حتى لا تكون الحياة فوضوية بل تكون حياة منظمة ، وهذه الآية تشمل ديون البيوع وديون القروض ، فاكتبوه على سبيل الأمر والأوامر في القرآن على سبيل الوجوب لا على سبيل الاستحباب ، لذلك قال أبو موسى الأشعري " من استدان ديناً ولم يكتبه ثم أنكره المدين فلا يلومن إلا نفسه " لأن الله تعالى قال فاكتبوه وهو لم يمتثل أمر الله تعالى ولم يكتب ، أيضاً حتى تننشر الكتابة في الأمة ، ولأن العرب كانت أمة أمية لا تكتب ولا تحسب حتى أن من كان منهم يكتب ويرمي ويسبح كانوا يسمونه الإنسان الكامل .

وليكتب بينكم كاتب بالعدل يكون وسيط يختاره الطرفين وليكتب بالعدل ، والجدير بالذكر أن النقود الورقية تنقص قيمتها مع مرور الزمن ، وبعض العلماء الذين يتمسكون بالنصوص يقولون من أخذ ألف ريال يرجعها ألف ريال حتى ولو بعد زمن فهذا لا يستقيم لأن الألف ريال قلت قيمتها ، فالإسلام يريد أن يكون كل شئ بالعدل وبالحق ، وليكتب كما علمه الله والله لا يعلم إلا الحق ،فليكتب وليملل الذي عليه الحق حتى يقر على نفسه ، وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً ، فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً ، فليملل وليه بالعدل ، واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، لا قيمة لهذه الوثيقة إذا لم يشهد عليها شهود ، ولماذا رجالين، لأن الرجال أقدر في الشهادة في أمور المعاملات ولأن المرأة قد يمنعاها زوجها أو أبيها أو ولي أمرها ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وأمرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحدهما فتذكر إحداهما الأخرى ، وكل هذا لتوثيق الحقوق وحتى لا يضيع حق على صاحبه وحتى يعيش الناس في إخاء دائم لا نزاع فيه ، وإمرأتان ليس استهانة بالمرأة أو انتقاص من حقها وذلك لأن المرأة لا تهتم بالمعاملات لأن المرأة لها اهتماتها الخاصة ، فإذا نسيت إحداهما فتذكها الأخرى ، ممن ترضون من الشهداء يكون شاهد يرعى الله ويخشاه ولا يحكمن إنسان يرتكب كبيرة أو يصر على صغيرة ، وليس هذا معناه أن المرأة نصف الرجل ، هناك مواضع تقبل شهادة المرأة وحدها في أمور النساء والمواضع التي لا يتواجد فيها الرجال كأمور الولادة والرضاعة والحيض و... والإسلام يساوي بين الرجل والمرأة والقرآن يقول بعضكم من بعض والرسول صلى الله عليه وسلم يقول النساء شقائق الرجال ، ولا يجوز إذا دعي الشاهد للشهادة ليس من حقه أن يمتنع لأن امتناعه ضياع لحقوق الآخرين ، وليس من حق الرجل أن يمنع إمرأته من الشهادة ، لأن هذا يترتب عليه ضياع الحق على صاحبه ، ولذلك الشهادة في الانتخابات هو واجب لأن هذه الشهادة تخص المجتمع كله ، ولو أن الأمة كلها اجتمعت وذهبت للشهادة في الانتخابات ما استاطعت الحكومات أن تزور الانتخابات ، لأن من لم يذهب يؤخذ صوته ويزور ، والقرآن يعتني بالحقوق حتى لو صغيرة ولا تسئموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً وذلك أقسط عند اللهو في حالة الإئتمان بين الناس وبعضها فليؤد الذى أؤتمن أمانته فهذا تخصيص من العموم ، ولا يضار كاتب ولا شهيد فالكاتب لا يخاف والشاهد لا يجوز أن يضار ، واتقوا الله ويعلمكم الله ودائما تأتي التقوى بعد النواهي والأوامر لأن الذي يحميها هو ضمير المؤمن ويقول الشاعر " لم يصلح فينا القانون رادعا حتى نكون ذوي ضمائر ترتع ، وقد يحتال المرء على القانون، ولكن عندما يكون القانون تشريع من الله سيحافظ المرء على القانون.

ويعلمكم الله يعلكم الحلال من الحرام والحق من الباطل والهدى من الضلال، هذه وفات سريعة مع هذه الآية الكريمة آية المداينة .

ونبه الشيخ القرضاوي عن أمر مهم في رحلته من القاهرة إلى الدوحة أعلن قائد الطائرة بموعد الإفطار حتى يفطر الركاب رغم أن الشمس ساطعة وظاهرة لكل الركاب ، وحينما سئل قائد الطائرة قال أننا فوق بلد أذن فيها المغرب ، فاعترض الشيخ عليه وقال له أننا لسنا ملزمين بموعد فطور البلد التي أقلعنا منها أو البلد التي نتجه إليها أو حت البلد التي تحتنا ، ولكننا لنا مغرب وحدنا ، وما دام الشمس ظاهرة لنا لا نجوز أن نصلي المغرب أو أن نفطر حتى تغيب الشمس تماما ، وأوضح الشيخ أن كل ما ارتفع الإنسان كلما اتسع الأفق وكلما استطاع أن يرى الشمس ، فيكون هناك فروق في التوقيت ، فنبه الشيخ الخطوط القطرية وكل خطوط الطيران أن لا يلتزموا بمواعيد البلد التي تحتهم ولا يجوز الإفطار والشمس ظاهرة .

Category : | edit post

0 Response to "حمل الدرس من هنا دروس التراويح للشيخ القرضاوي ٢ رمضان ١٤٣٠"

مع الشيخ / رائد صلاح

مع الشيخ / رائد صلاح
مع الشيخ / رائد صلاح

بين العملاقين القرضاوي وخالد مشعل

بين العملاقين القرضاوي وخالد مشعل

مع الشيخ / رائد صلاح

مع الشيخ / رائد صلاح
مع الشيخ / رائد صلاح

أبو الوليد خالد مشعل

أبو الوليد خالد مشعل

العلامة القرضاوي

العلامة القرضاوي

أبو الوليد خالد مشعل

أبو الوليد خالد مشعل

الشيخ وجدي غنيم

الشيخ وجدي غنيم

أسامة حمدان

أسامة حمدان

محمد نزال

محمد نزال

د/طارق السويدان

د/طارق السويدان

د / عصام البشير

د / عصام البشير

د/ صلاح سلطان

د/ صلاح سلطان

الأستاذ / فهمي هويدي

الأستاذ / فهمي هويدي

د/عبد المنعم أبو الفتوح

د/عبد المنعم أبو الفتوح

الكابتن / وائل جمعة

الكابتن / وائل جمعة

د/أكرم العدلوني

د/أكرم العدلوني

الشيخ / حارث الضاري

الشيخ / حارث الضاري

د/عبد المنعم

د/عبد المنعم

د/جاسم سلطان - د/ سيف الدين عبد الفتاح - الشيخ أكرم كساب

د/جاسم سلطان - د/ سيف الدين عبد الفتاح - الشيخ أكرم كساب

Followers